العلاج المعرفي السلوكي للإكتئاب
خالد الغنام/ أخصائي نفسي
ينظر المكتئب إلى نفسه نظرة سلبية معتقداً أنه شخص غير مرغوب فيه وعديم القيمة بسبب خلل نفسي أو أخلاقي أو جسدي في نفسه ويميل إلى تفسير تجاربه بطريقة سلبية حيث يرى بأن العالم يفرض عليه مصاعب ومتاعب لا يستطيع تحملها وأن مصاعبه الحالية سوف تستمر إلى ما لا نهاية . ويمكن القول بأن التفسير المعرفي للاكتئاب يقوم على النظرة السلبية للذات والعالم والمستقبل وكلما اشتد الاكتئاب أصبحت الأفكار السلبية تؤثر على تفكيره بشكل أكبر ويجد صعوبة في التركيز على المثيرات الخارجية أو الانشغال بأنشطة ذهنية مثل التذكر أو حل المشكلات ويغدو غير قادراً على الاستمتاع بالأشياء التي تجلب له السعادة كما كانت في السابق.
يستمد النموذج المعرفي للانفعالات مادته من ملاحظات المتعالجين لأفكارهم ومشاعرهم وخلال عملية العلاج يتم اكتشاف العلاقة بين الأفكار والمشاعر والسلوك باعتبارها علاقة تفاعلية ويتم التعرف على التشوهات المعرفية والأفكار و المعتقدات السلبية وتشخيصها ودحضها وتعديلها بمساعد المتعالج لإحداث تغيير في كيفية رؤيته لذاته وللعالم والمستقبل ومساعدته في تنمية طرائق جديدة من الخبرات ووسائل جديدة لحل المشكلات.
ومــن خــلال الـجلسات العلاجية والتي تستغرق عادة ما بين 15 و 20 جلسة بمعدل جلستين أسبوعياً بمدة تتراوح بين 4-5 أسابيع ثم مرة أسبوعياً لمدة 10 – 15 أسبوعاً فإنه تستخدم العديد من التقنيات المعرفية والسلوكية ويمكن تعليمها للمتعالجين بهدف مساعدتهم في الاستجابة بطريقة وظيفية أكثر ومن أبزر هذه التقنيات المعرفية ما يلي:
- عداد المعصم (أو المسبحة): ويستخدم لمراقبة الأفكار السلبية وإيقافها بحيث يلبس هذا المعصم باليد ويتم الضغط عليه عند مرور فكرة سلبية بعقل المتعالج وفي نهاية اليوم يتم تسجيل العدد النهائي للأفكار , حيث يلاحظ أن عدد الأفكار السلبية يزيد في البداية مع تحسن ملحوظ في تحديد هذه الأفكار ويمتد ذلك لمدة أسبوع أو عشرة أيام ومن ثم يبدأ في التناقص لأن المتعالج يبدأ بالسيطرة على ذاته.
- التفكير بتدرجات الرمادي : يقوم المعالج بتقييم الأشياء ضمن مجال من صفر إلى مئة بدلاً مــن إعطاء الـمـتعالج أحكام قطعية ونتائج حتمية ( أسود .. أو أبيض ) ( أكون ..أو لا أكون ) وعندما تفضي النتائج بشكل لا يرغبه المتعالج أو لا يأمله يمكن أن يقول لنفسه على سبيل المثال أنني فاشل بقدر محدد بدلا من قول أنا فاشل وكذلك يمكن أن يقول أنا أفعل أشياء صحيحة وأخرى غير صحيحة وهنا تكون الخسارة إلى حد ما.
ومن التقنيات السلوكية:
- أسلوب المهام المتدرجة: تستخدم عندما يواجه المتعالج مهام صعبة بحيث يتم تجزئة الهدف السلوكي إلى خطوات صغيرة ومتسلسلة ومترابطة وتنفذ بخطوات متلاحقة للوصول إلى الهدف.
- التدريب على توكيد الذات: بأن يعطي المجال للمتعالج بالتعبير عن أرائه وأفكاره ومشاعره تعبيراً واضحاً ومباشراً وبأسلوب مقبول اجتماعياً والهدف هو الوصول إلى تحقيق أكبر قدر من الفاعلية والنجاح عندما يدخل في علاقات اجتماعية مع الآخرين.
ما ذكر أعلاه هو ابرز التقنيات مثالاً لا حصراً... وفي حالات الاكتئاب الشديد قد يستخدم العلاج الدوائي مع العلاج المعرفي السلوكي. وبحسب الحالة يتم تحديد العلاج المناسب مع وجود أفضلية واضحة في الدرجة للعلاج المعرفي السلوكي بتعلم المتعالج لمهارات وأساليب وأفكار جديدة يواجه فيها مشكلاته.
خاتمة: كلما زادت شدة الاكتئاب زادت التدخلات السلوكية وبالعكس كلما انخفضت شدة الاكتئاب زادت التدخلات المعرفية.
إعـــداد/ خــالــد الــغــنــام
أخــــــصـــائي نــفـــسي