يرعى صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع المؤتمر العالمي الثاني لحلول القيادة والسيطرة، الذي تنظمه وزارة الدفاع وجامعة الملك سعود ومركز القيادة والسيطرة ومركز التميز لأمن المعلومات في الجامعة غدا الثلاثاء ولمدة 3 أيام بمقر الجامعة بالرياض.. وأكد رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي، أن القيادة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير وتعزيز أنظمة الحماية ومكافحة الإرهاب الإلكتروني عبر منظومة متطورة للقيادة والسيطرة والأمن السيبراني، بهدف حماية البنية الحيوية للقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية وكبرى المنشآت الصناعية في المملكة، لافتًا إلى أن حماية البنية التحتية الحيوية أضحت من أولويات الحكومات والشركات في العالم، وأحد مقوّمات الاستقرار والاستدامة الاقتصادية في ظل تصاعد عمليات القرصنة والاختراقات الإلكترونية والإرهاب السيبراني. ويشارك في المؤتمر رئيس منتدى التحديات العالمية الدكتور والتر كريستمان، الرئيس التنفيذي لنظم المعلومات في شركة نورثروب جرومان، والدكتور مايكل باباي، ومدير الهندسة والتكنولوجيا لأنظمة القيادة والسيطرة في شركة لوكهيد مارتن بلايك دايفس، والرئيس التنفيذي لشركة Pegasus إحدى شركات دارك ماتر بانغ كزياو، ومن المملكة اللواء طيار المتقاعد سعيد الحزنوي، ورئيس إستراتيجية وسياسة الأمن السيبراني في شركة أرامكو السعودية العنود الشهري.
وقال الغامدي: المؤتمر يناقش مواضيع مهمة منها دور أنظمة القيادة والسيطرة في دعم التحالفات لمكافحة الإرهاب، الحرب الرقمية والصمود ضد الهجمات السيبرانية وحماية البنية التحتية الحيوية، حلول القيادة والسيطرة لمكافحة الإرهاب السيبراني وإدارة الأزمات، والإرهاب التكنو اجتماعي وأنظمة القيادة والسيطرة . ويستقطب في دورته لهذا العام أكثر من 30 متحدثا وخبيرا عالميا ومحليا في أنظمة القيادة والسيطرة، و1000 مشارك من المملكة والعالم.
وكشف رئيس وحدة متابعة التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بأبو ظبي، إيهاب خليفة، أن سلاح «الديدان البيضاء»، و»الجيوش الإلكترونية»، تعد أهم أساليب الدفاع الوقائي للمنشآت والبيانات العسكرية.
وأوضح في دراسة له بعنوان «تنامي التهديدات السيبرانية للمؤسسات العسكرية»، أن الديدان البيضاء، برامج قادرة على اكتشاف التطبيقات الضارة وتدميرها قبل توظيفها في إطلاق هجمة إلكترونية محتملة، كما تقوم أيضًا بتدمير أدوات وبرمجيات القراصنة، وهو ما يساعد في إحباط مخطط الهجمة نفسها، وتحديد هويته ومصدرها ، بما يمكن من إطلاق هجمة إلكترونية مضادة فيما يعرف بــ «الاختراق العكسي».
وأضاف بأن «الجيوش الإلكترونية» عبارة عن فرق للعمليات عبر الفضاء الإلكتروني داخل صفوف القوات المسلحة، تتكون من قراصنة معلومات مهمتهم اختراق شبكات الكمبيوتر الخاصة بالخصم، ونشر برامج التجسس والمراقبة، وتنفيذ المهمات العسكرية التي تطلب منها كتعطيل أحد البرامج العسكرية أو السيطرة على أحد الشبكات أو تدمير بعض الخدمات الإلكترونية.
وحذر «خليفة» في دراسته من تزايد التهديدات الإلكترونية بصورة شملت البيانات والمنشآت العسكرية، بالإضافة إلى البنية التحتية الحرجة كالمفاعلات النووية، في ظل تنامي الجيوش الإلكترونية، مشيرًا إلى أهمية رصد الهجمات الإلكترونية وتحليلها وتحديد مصدرها والتخفيف من حدة آثارها على نظم الاتصالات والشبكات والبنية التحتية في وقتها الحقيقي.
وأوضح أن الدفاع الوقائي يختلف عن نظيره التقليدي في عنصرين رئيسيين، هما الاكتشاف المبكر للهجمات الإلكترونية، والآنية في التعامل معها حال حدوثها، بينما يعمل الدفاع التقليدي كدرع داخلية للتخفيف من حدة الهجمات والتعافي السريع منها.
وأضاف أن أسلوب التضليل والإخفاء والخداع، من ضمن وسائل صد الهجمات الإلكتروني، وهو ما يتحقق عن طريق إخفاء هويات الأهداف الاستراتيجية للدولة على الإنترنت، وتضليل الخصم أثناء محاولة الوصول إليها أو اختراقها.
وشدد على أهمية إنشاء فرق الاستجابة الفورية للطوارئ، تكون مهمتها التحقيق في الأدلة الجنائية الرقمية، ومحاولة تتبع مصدر الهجمات والمتورطين فيها، ونوه بدور كبريات شركات الاتصالات كأحد خطوط الدفاع الإلكتروني للدولة، وذلك بسبب امتلاكها قواعد بيانات خاصة بعدد كبير من المستخدمين، كما تقع عليها مسؤولية تأمين جميع اتصالات الأفراد، وضمان الحفاظ على سريتها وخصوصيتها دون أن تتعرض للاختراق أو التسريب.
كما أكد على أهمية القوات المسلحة التقليدية، التي يمكن أن تشارك أيضًا في عمليات الدفاع الإلكتروني.
وقال د. محمد عزت رحيم، مدرس مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في دراسة حديثة له: إن الهجمات الإرهابية المتتالية التي شهدتها مدن عالمية، مثل «برشلونة، ولندن، ومانشستر، وبرلين، وميونخ، وباريس، ونيس»، كشفت عن انحسار هامش الأمن الذي اتسمت به على مدار عقود وهو ما دفع بعض الباحثين للتأكيد على أن المدن العالمية الكبرى والمناطق الحضرية أضحت بؤر استيطان للتهديدات الأمنية.
وأبرز في دراسته التهديدات التي تواجه هذه المدن:
1/ العمليات الإرهابية التقليدية: وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي تصاعدت العمليات الإرهابية بدول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية «OECD» بنسبة 650% في عام 2016 بالمقارنة بعام 2014، ويعود ذلك بالأساس لتصاعد عمليات تنظيم «داعش».
2/ عصابات الجريمة المنظمة: تواجه المدن الكبرى تصاعد أنشطة عصابات الجريمة المنظمة والمافيا عابرة الحدود، والتي غالبًا ما تدير شبكات تمتد فروعها في أكثر من دولة وفي أقاليم مختلفة من العالم،
3/ إدارة التعددية الثقافية: تتميز مدن العالم الكبرى بطابعها العالمي المتعدد، حيث تتفاعل في إطارها ثقافات وأعراق وطوائف متنوعة، وعلى الرغم من الفرص التي تنتج عن هذه التفاعلات الثقافية، فإنها باتت تمثل تحديًا، خاصة مع تصاعد عمليات الكراهية ضد المسلمين في المدن الكبرى بالدول الغربية
4/ تأمين الفعاليات الكبرى: يعد تأمين الفعاليات الدولية والمؤتمرات والوفود الدولية ضمن تحديات أمن المدن، وتتمركز بالمدن العالمية الكبرى، مثل «نيويورك، وجنيف، وباريس، وفيينا»، المقار الرئيسة للمنظمات الدولية، وتعرض إستاد «دو فرانس» بالعاصمة الفرنسية باريس للاستهداف، حينما حاول إرهابي يرتدي حزامًا ناسفًا الدخول أثناء مباراة كرة قدم بين منتخبي فرنسا وألمانيا بحضور الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في نوفمبر 2015، كما شهدت بعض المدن تهديدات أمنية غير إرهابية، مثل تفجير 3 قنابل في حافلة فريق بروسيا دورتموند الألماني أثناء توجهه لملاقاة فريق موناكو الفرنسي في أبريل 2017.
وتعد المملكة من أوائل الدول التي أولت التصدي لظاهرة الإرهاب اهتماما بالغا على مختلف المستويات، ومنذ أن وقعت على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي خلال شهر مايو 2000م، وهي تواصل جهودها في استئصال شأفة الإرهاب بمختلف الوسائل..
وفي هذا الشأن قال خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في كلمته التي ألقاها خلال شهر رمضان الماضي في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة الإرهاب: إن الإرهاب لا يفرق بين الحق والباطل، ولا يراعي الذمم، ولا يقدر الحرمات، وقد تجاوز حدود الدول، وتغلغل في علاقاتها، وأفسد ما بين المتحابين والمتسامحين، وفَرق بين الأب وابنه، وباعد بين الأسر، وشرذم الجماعات.
وكان من أبرز جهود المملكة في هذا الإطار:
1.تشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب و تطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره.
2.خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة أنطاليا التركية عام 2015م، شدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في القمة التي عقدت بعنوان «التحديات العالمية.. الإرهاب وأزمة اللاجئين» على ضرورة مضاعفة المجتمع الدولي لجهوده لاجتثاث الإرهاب، ووصفه بـ«الآفة الخطيرة»، وبأنه داء عالمي لا جنسية له ولا دين.
3.نظمت المملكة بالتزامن مع المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب حملة التضامن الوطني لمكافحة الإرهاب في مختلف المناطق
4.تصدت المملكة لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي وتمكنت من إفشال أكثر من 95 % من العمليات الإرهابية وفق استراتيجية أمنية حازت على تقدير العالم بأسره
5.تم إنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية عام 1427هـ من أجل تصحيح وتوعية أفكار المغرر بهم.
6.أصدرت المملكة جملة من الأنظمة والتعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني
7.إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة.
8.أشاد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في خطاب ألقاه أمام مؤتمر جمعية رؤساء تحرير الصحف الأمريكية بدور المملكة في محاربة الإرهاب، وقال: إن الإرهابيين ارتكبوا خطأً تكتيكيا في تقديري حين هاجموا المملكة وهم يدركون الآن نتائج ذلك.
9.تقدمت المملكة بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب.