أ.د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري*
تجديد البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، نتذكر من خلالها ما قدمه لدينه وشعبه ووطنه من عمل دؤوب وعطاء متواصل في المحافظة على الشريعة، والعمل بها وإرساء قواعد التقدم والازدهار على أسس راسخة، ومعالم ثابتة، جعلت من المملكة مثالاً وأنموذجاً في الثبات والاستقرار، بما حققه لشعبه من إنجازات كبرى وتحولات حضارية، إلى جانب عمله المتواصل، وسعيه الحثيث لتوحيد كلمة المسلمين وخدمة قضاياهم، كما حقق نجاحات كبرى لنشر منهج الوسطية والاعتدال، وجمع الكلمة على كافة الأصعدة يناصره في ذلك ويشد عضده سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله-.
في قيادة خادم الحرمين وفي حياته العملية سياسة حكيمة، ورأي سديد، وكذلك مبادرته وأوامره الحكيمة كان لها الأثر البالغ في اجتماع كلمة المسلمين ضد كل عدو يتربص بهم شراً، وفي ظل هذه الأمواج المتلاطمة بالفتن التي عصفت بأحوال بعض الناس نجد أن هذه السياسة التي انتهجها جعلت البلاد تتجاوز كل الصعاب، وحَفظَ الله به البلاد من كل الفتن والصراعات، ووصل بالوطن والمواطن -بعد توفيق الله- إلى بر الأمان؛ فأصدر قراره التاريخي في عاصفة الحزم وهو قرار حكيم تؤيده المصالح العليا للمملكة العربية السعودية، ودول الخليج والمنطقة، لإنقاذ شعب مضطهد، وظُلم حصل، وأطماع حاقدة، وأصبح المجتمع السعودي بفضل من الله لحمةً واحدة، وصفاً متماسكاً، وبنيانا قوياً بما أفاء الله عليه من نعم عظيمة، من أعظمها وأجلها نعمة التوحيد وإخلاص العبادة لله التي أثمرت هذه الخيرات والفضائل على بلادنا.
وتميز خادم الحرمين بشخصية قيادة عالية، في إدارته لكل أعماله، بعمق التفكير وبعد النظر، والتأمل في المآلات والنتائج، والمتتبع لحياته يجد أنه يعطي هذا الجانب أهميةً بالغة، فلا يُقدم على عملٍ إلا وقد أحاط به من كل جوانبه، واستجمع نتائجه، وعرف المصلحة منه، وقد اكتسب هذه الصفة من سيرة حياة والده الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وتأثر بشخصيته وحكمته في مجال البعد السياسي والأمني والاجتماعي، وقد عرف الوطن والشعب، الملك سلمان، رجلا من أنبل الرجال، وأوفى الرجال، وأبرزِهم حضوراً في الظروف والمواقف الصعبة، وكان يتعامل معها بحكمة وسياسة في أشد الأحوال وأقسى الظروف التي من شأنها أن تعصف بحياة الناس لكن الملك سلمان تعامل معها بأحداثها بهدوء القائد وحكمة الزعيم الصابر، وهذه هي نفوس العظماء من الناس، الذين يسيرون في حياتهم بصبر وثبات.
وتميز الملك سلمان بخصائص متعددة في حياته وقيادته وحُكمه، منها الاهتمام البالغ والعناية التامة بشؤون الحرمين الشريفين-حرسهما الله- والعناية بخدمة الحجاج والمعتمرين،
ومنها سعيه الدائم في لَمِّ الشمل، وجمع الكلمة، وتأليف القلوب على العقيدة والحث على راحة المواطنين، وتلمس احتياجاتهم، وتأكيده الدائم على ذلك في المناسبات، وأصبحت بلادنا –بحمد الله- تَنعم بالأمن والأمان والاجتماع والاستقرار، والتقدم والازدهار، في ظل ما يحدث اليوم في الساحة من صراع وفتن واختلاف، غير أن المملكة بقيادة خادم الحرمين استطاعت أن تتجاوز ذلك بفضل من الله وتوفيقه ثم بحكمته على حل المشكلات. ومن هذه الخصائص أيضاً عنايته الخاصة بالقرآن الكريم مع نفسه فقد جعل القرآن زاداً له في حياته ومنهجاً له في عمله وله وردٌ يومي يقرأ فيه القرآن مع اهتمامه بتفسير آياته والوقوف على معانيه ودلالته وهو يستعين به بعد الله على إدارة أعماله وشؤونه، كما أنه يحتفي بأهل القرآن ويدعمهم ويساندهم ويقدرهم ويجلهم وكان يرعى احتفالاتهم سنوات طويلة.
ومنها أن الملك سلمان مولع بالمحافظة على شخصية السيادة السعودية، والمحافظة على سيادة المملكة وهويتها وخصوصيتها، وأحسب أن هذه الناحية قد ملكت عليه جميع حواسه، فهو يؤكد عليها دائماً في كل مناسبة ولقاء.
* إمام وخطيب جامع قصر خادم الحرمين بالمعذر
جريدة الرياض (العدد 17373)