يعتقد البعض أن فرق "المجاهدين" مجرد رجال يحملون بنادق وبارود يتحركون ليلا ونهارًا بشكل بدائي بعيد عن الاحترافية، لكن الواقع يُشير إلى أن هذه الفرق تقوم بأدوار حيوية على حدود المملكة، من بينها المساهمة في حماية الحدود، وإحباط عمليات التسلل عبر الحدود، وضبط كميات هائلة من الأسلحة، وغيرها من المهام الحيوية الطارئة.
فمن هم المجاهدون؟ وما هو تاريخهم؟ وما الدور الذي يقومون به في حفظ الأمن داخل السعودية وعلى حدودها؟.
هذه الأسئلة يُجيب عنها مدير الإدارة العامة للمجاهدين بوزارة الداخلية، صالح الحماد، مشيرًا إلى أن الإدارة العامة للمجاهدين بوزارة الداخلية أُنشئت في عهد الملك عبدالعزيز عام 1347هـ، من المحاربين القدامى الذين ظلوا ملازمين له في كل الأمور؛ حيث كانوا بمثابة الجيش والأمن العام آنذاك، وكان يطلق عليهم (أهل الجهاد)، بحسب الموقع الرسمي للإدارة العامة للمجاهدين بوزارة الداخلية.
وبعد أن استقرت الأمور وتوحدت البلاد واستتب الأمن ودانت البلاد لحكم الملك عبدالعزيز، بدأ في تكوين أجهزة الدولة التي تُعنى بشؤون الحكم ومنها الشؤون العسكرية، ومن بينهم (أهل الجهاد) الذين شاركوا تحت قيادته في توحيد البلاد، فجعلهم من خاصته ونظّم شؤونهم.
ويُضيف الحماد أن بدايات العمل الجهادي في العصر الحديث تعود إلى تكوين تلك الفرقة المعروفة من أهل العارض ومن بعض ما حولها من المناطق، والتي ساندت الملك عبدالعزيز في استعادة الرياض عام 1319هـ.
وأورد عبدالرحمن الرويشد أسماء وسير 64 رجلا كانوا يمثلون تلك الفرقة. ثم ما لبثت أن انضمت إليها فرقة الإخوان في الأربعينيات الهجرية، بعد تأسيس الهجر من قبل الملك عبدالعزيز مما أسهم في تكوين أكبر قوة عسكرية في شبه الجزيرة العربية بلغ قوامها (76500) مقاتل، كما ذكر أمين الريحاني. وهذه القوة لا تشكل أي أعباء مالية على الدولة إذ كانوا يتكفلون بأسلحتهم وعتادهم. وقد ساهمت تلك القوة في توحيد البلاد تحت قيادة قائدها المظفر الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه.
ثم بدأ ما يعرف بالهجانة التي يُشير إليها اللواء الدكتور إبراهيم العتيبي في دراسته التاريخية عن تنظيمات الدولة في عهد الملك عبدالعزيز بأنها مزيج من التنظيم العسكري والتقاليد البدوية بدأ تشكيله كقطاع عسكري عام 1344هـ مما ورثه السلطان عبدالعزيز من تشكيلات سابقة، مضيفًا إليها بعض الفرق التي بقيت في الحجاز عندما انتهت الحرب فيها، وكان قائد الهجانة العام منذ توحيدها في 1350/9/1هـ وإلى أن ألغيت في عام 1354هـ هو محمد بن إبراهيم السلطان (وهو من أهالي بلدة ضرماء والمتوفى رحمه الله في 1371هـ، وكان ابنه الأكبر "سعد السلطان" ممن تولوا إدارة المجاهدين لاحقًا، وكان يشغل قبل ذلك منصب وكيل إمارة الرياض لأكثر من خمسة وعشرين عامًا، والقائم بأعمال إمارة منطقة القصيم لسبعة أعوام).
ثم أوكل عمل الهجانة إلى مكتب أهل الجهاد الذي كان قائمًا في الديوان الملكي، وقد ذكر فؤاد حمزة في كتابه "البلاد العربية السعودية" أن البلاط الملكي في الرياض يحوي إدارة تسمى "أهل الجهاد"، وقد أشرف هذا المكتب على ألوية المجاهدين. وفي عام 1360هـ تغير اسم المكتب إلى "ديوان أهل الجهاد والمجاهدين".
وبعد تشكيل "الحرس الوطني" في 1374/9/10هـ، أصبح اسم المكتب "أهل الجهاد" وبقي مرتبطًا بالديوان الملكي، واستمر هذا المكتب بالإشراف على شؤون المجاهدين وصرف مرتباتهم وتنظيم وحداتهم، وتحولت فرق المجاهدين إلى قوة احتياطية كما ذكر العتيبي في المصدر السابق.
وفي عام 1383هـ ألحق المكتب بوزارة الداخلية، وضم في عام 1385هـ أفراد الحرس الخاص "الخويا"، ثم ضم قصاصي الأثر "المرية" في عام 1387هـ. وتقوم الإدارة حاليًّا بالعديد من المهام الأمنية كمشاركة الحرس الخاص، وحراسة مصادر المياه، وخطوط البترول، ومكافحة التسول، ومكافحة المخدرات، ومساندة الأمن العام، والمشاركة في خدمة ضيوف الرحمن، وغيرها من الأعمال الكبيرة والتحديثية التي تقوم بها.
نقلا عن صحيفة عاجل الإلكترونية