افتتح معالي وزير الداخلية التونسي محمد الناجم الغرسلي أمس أعمال المؤتمر التاسع والثلاثين لقادة الشرطة والأمن العرب، المنعقد بمقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بالعاصمة التونسية بمشاركة عدد من المسؤولين الأمنيين في مختلف الدول العربية وممثلين عن جامعة الدول العربية وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وعددًا من المنظمات والاتحادات العربية والدولية.
ورأس وفد المملكة إلى المؤتمر معالي مدير الأمن العام الفريق عثمان بن ناصر المحرج.
وأكد الوزير التونسي في كلمته الافتتاحية أن انتظام اجتماعات مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب وثراء أعماله وشمولية التوصيات المنبثقة عنه ساهمت في الارتقاء بالأداء الأمني في الدول العربية خدمة للفرد وللمجتمع، منوهًا في هذا الصدد بالجهود التي تبذلها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية دعماً لمقومات الأمن العربي المشترك بفضل ما تعده من بحوث ودراسات وما تنظمه من لقاءات علمية ودورات تدريبية بهدف تأهيل الوظيفة العربية وتطويرها في كافة الدول الأعضاء.
وشدد على أن هذا المؤتمر ينعقد في وضع دولي وإقليمي متوتر سمته الرئيسية تنامي التهديدات الإرهابية غير المسبوقة في ظل استمرار العوامل المغذية للإرهاب في المنطقة وفي مقدمتها تواصل النزاعات المسلحة بعدد من الأقطار العربية وتوسع نشاط التنظيمات الإرهابية وانتشار مراكز تدريب المقاتلين والسلاح وتنامي الخطاب المتطرف ونشاط شبكات الجريمة المنظمة والتهريب وما تمثله من مصدر هام لتمويل الإرهاب.
وأكد أنه في هذا الإطار يجب التنبيه بأن التوقي من هذه التهديدات وخاصة الإرهاب والظواهر المتصلة به تستوجب تشخيصًا دقيقاً لهذه المخاطر وتحديد أسبابها وفهم خصائصها وحصر كل امتداداتها وأهدافها وارتباطاتها وتحالفاتها وتطوراتها بما يساعد على تطوير مختلف الاستراتيجيات العربية المعتمدة في الصدد بصفة علمية وفعالة.
وأضاف أن التحديات المطروحة أمام قادة الشرطة والأمن العرب تستوجب إثراء التصورات ومزيد البحث عن تدابير ملموسة وعملية تتماشى ومتطلبات المرحلة وتمكن من التصدي لتلك الظواهر وتحصين البلدان العربية من التهديدات والمخاطر وتعزيز مناخ السلم والاستقرار في ربوع الفضاء العربي وذلك من منطلق الإيمان باستحالة القضاء عليها في غياب تعاون تضامني مشترك وفعال.
وأكد الغرسلي في ختام كلمته أن تعدد وتنوع الرهانات والتحديات العالمية وما ينجر عن ذلك من انعكاسات ذات طابع أمني تقتضي من الجميع مواصلة مزيد التعاون والتكامل والتضامن من اجل تحقيق الأمن العربي بمفهومه الشامل، معبرًا عن يقينه بأن جهود قادة الشرطة والأمن العرب الصادقة ومساعيهم المخلصة ستساعد على بلوغ الأهداف المنشودة على هذا الدرب.
من جانبه توجه معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب الدكتور محمد بن علي كومان بالشكر والعرفان لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب ـ حفظه الله ـ ولمعالي وزير الداخلية والجماعات المحلية في الجزائرية رئيس الدورة الحالية للمجلس نور الدين بدوي، ولأصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب لدعمهم السخي والمستمر للعمل الأمني العربي المشترك.
وأكد أن هذا المؤتمر ينعقد والمنطقة العربية تمر بظروف صعبة بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها بعض دولها والتي انعكست بطبيعة الحال على الوضع الأمني فيها، مما أدى إلى تفاقم الجريمة والإرهاب وانتشار خطاب التطرف المقيت والطائفية البغيضة وتعدد بؤر التوتر والنزاعات المسلحة واختلال ضبط الحدود في بعض الدول الذي ساعد على انتشار السلاح واستفحال ظاهرة انتقال المقاتلين الأجانب وتهريب المهاجرين.
وأضاف معاليه أن المؤتمر ينعقد والمنطقة العربية تشهد تفاقمًا في الأعمال الإرهابية الموجهة ضد حماة الأمن والاستقرار رجال الشرطة والأمن بهدف زعزعة الحياة الاجتماعية وتعطيل مسار التنمية الذي تنشده الشعوب، مشيدًا في هذا الصدد بشهداء الأمن العرب الذين قضوا بنيران الإرهاب الجبانة وهم مرابطون على ثغور الوطن لا تثنيهم التهديدات عن أداء الواجب وتحمل الرسالة.
وشدد على ضرورة اعتماد مقاربات أمنية جديدة في ظل هذه الظروف الدقيقة تساير المستجدات الأمنية وتتلاءم مع حجم التحديات الإجرامية التي تشهدها الساحة العربية اليوم، مشيرًا إلى أن أي مقاربة أمنية لا يمكن أن يكتب لها النجاح دون تضافر جميع الجهود وانصهارها في بوتقة واحدة في إطار شراكة اجتماعية متناغمة ضد الجريمة.
وقال معالي الدكتور كومان " فكما أن التنظيمات والعصابات الإجرامية بمختلف أشكالها هي اليوم في خندق واحد في سعيها إلى النيل من مكتسبات أوطاننا ومقدراتها، فنحن أيضًا لابد أن نكون في صف واحد لمحاربتها، فرجال الأمن الذين ما فتئوا يقدمون التضحيات الجسيمة لينعم المواطن بالأمن والأمان، بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى معاضدة كافة مكونات المجتمع، المواطنين ومؤسسات التنشئة الاجتماعية ودُور العبادة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة في حربها ضد الجريمة والإرهاب، بحاجة إلى تعزيز السلم الاجتماعي وتلاحم كل مكونات المجتمع وتغليب الحوار والمصلحة الوطنية على كل اعتبار آخر ".
وأكد معاليه حرص الأجهزة الأمنية على ممارسة العمل الأمني وإنفاذ القانون في ظل احترام حقوق الإنسان وكرامته، وذلك رغم صعوبة الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية، وزيادة التحديات الأمنية بفعل العمليات الإرهابية الجبانة التي تنفذها عصابات الإجرام والإرهاب بين وقت وآخر في بعض الدول العربية، مشيرًا إلى أن هذا الحرص يندرج في إطار سعي مجلس وزراء الداخلية العرب الدائم إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان لدى أجهزة الشرطة والأمن وغلى تدعيم احترام تلك الحقوق وصونها، وهو ما تجسد مؤخرًا في عقد المؤتمر الأول للمسؤولين عن حقوق الإنسان في وزارات الداخلية العربية والمؤتمر المشترك لممثلي وزارات الداخلية واللجان الوطنية لحقوق الإنسان في الدول العربية، وذلك إيمانًا منه بأن تحقيق الأمن والاستقرار وضمان حقوق الإنسان أمران متكاملان لا متناقضان ؛ لأن استتباب الأمن يوفر الشروط الملائمة للعناية بحقوق الإنسان مثلما يعزز احترام حقوق الإنسان الجهد الأمني ويضمن انخراط كل الأطراف فيه.
بدوره أكد معالي مدير الأمن العام الفريق عثمان بن ناصر المحرج في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أن الأجهزة الأمنية العربية في تواصل مستمر وتنسيق دائم فيما بينها في سبيل مواجهة الجريمة المنظمة وآفة الإرهاب مستنيرين في ذلك بما يصدر عن مجلس وزراء الداخلية العرب من إرشادات ومن أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية في الدول العربية من توصيات وتوجيهات.
وعبر معاليه عن أمله في أن تستفيد الأجهزة الأمنية العربية من هذه التوصيات والإرشادات وأن تأتي ثمارها على مستوى مواجهة الجريمة المنظمة والإرهاب، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية العربية تستفيد بشكل كبير من الاستراتيجيات الأمنية المعدة في صلب الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ومن تبادل التجارب والخبرات.
وأكد معالي مدير الأمن العام على جهود المملكة في مواجهة الجريمة المنظمة والإرهاب، مشيرًا إلى أن المملكة عاشت مخاطر الإرهاب ولكن بفضل الله تعالى نجحت في كبح هذه الآفة، وهي من أفضل الدول التي قاومت الإرهاب ووقفت في وجهه.
ويتناول المؤتمر الذي يستمر يومين عدة موضوعات من بينها التجارب الأمنية المتميزة لبعض الدول الأعضاء، ومناقشة توصيات مؤتمرات رؤساء القطاعات الأمنية واجتماعات اللجان المنعقدة في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2015م، وتقرير أعمال الاتحاد الرياضي العربي للشرطة لعام 2015 م.